كُن ثملاً في الحب، فإنَّ الوجود كله محبة

الفنانة: حنين خليل

كُن ثملاً في الحب، فإنَّ الوجود كله محبة - حنين خليل

في لوحة "كُن ثملاً في الحب، فإنَّ الوجود كله محبة"، تغوص الفنانة حنين خليل في أعماق الفلسفة الصوفية، مقدمةً عملاً فنياً يجسد دعوة للانغماس الكلي في الحب، ليس كعاطفة فردية، بل كقوة كونية محركة لكل الوجود. هذه اللوحة هي تجربة بصرية وروحية تدعو إلى الاتحاد مع المحبة الإلهية والوجودية.

تتمركز اللوحة حول دائرة كبيرة مضيئة، تعمل كرحم أو هالة تحتضن جوهر الرسالة. داخل هذه الدائرة، تتشابك أيادٍ بحنان، في إيماءة تعبر عن الرعاية والدعم والاحتواء، وقد ترمز إلى خلق وبدايات الوجود. الخط العربي، الذي يشكل جزءاً من العبارة الصوفية، يلتف بشكل انسيابي داخل الدائرة، في تصميم يوحي بالشمولية والكمال، وكأن الوحدة الإلهية تحتضن كل شيء.

الخلفية بألوانها الدافئة من الأصفر والذهبي والبرتقالي، مع نسيج يشبه السحاب أو الضوء، تمنح اللوحة إحساساً بالنور والدفء والقداسة، وتبرز الفكرة المركزية للمحبة الكونية المتوهجة. هذه الألوان تخلق جواً من الروحانية التي تتناسب مع عمق المقولة.

ما يميز هذه اللوحة بشكل خاص هو الأفق الحضري في الجزء السفلي منها، الذي يضم ظلالاً لمعالم دمشقية بارزة. هنا، تظهر المساجد والكنائس جنباً إلى جنب، بالإضافة إلى نصب السيف الدمشقي المعروف كرمز سوري، وتتوضع طيور صغيرة على هذه المعالم. هذا الدمج الثقافي والديني الغني يربط المفهوم الكوني للحب بالواقع المتعدد الأوجه لسوريا، ويرمز إلى أن هذه المحبة الوجودية متجذرة في تاريخ وثقافة تمزج بين الأصالة والتنوع والتعايش الروحي.

الرسالة الفنية المعمقة للوحة هي دعوة للتسامي فوق الحواجز، والانغماس في الحب باعتباره القوة الأساسية للوجود التي توحد كل شيء. إنها رؤية للعالم حيث كل تفصيلة، من أصغر الكائنات إلى الكون الواسع، يربطها خيط المحبة. الفنانة حنين خليل، بأسلوبها الذي يمزج الخط العربي بالرمزية الصوفية والتراث الحضاري، تخلق عملاً فنياً لا يدعو إلى التأمل الروحي فحسب، بل يؤكد أن الحب هو أساس كل الأديان والوجود الإنساني، وهو الطريق الأسمى للوصول إلى الاتحاد الروحي والكمال في سياق يبرز غنى التراث السوري وشموليته.

← العودة إلى الصفحة الرئيسية