لتتحرر عليكَ أن تضحي...

لتتحرر عليكَ أن تضحي...

الفنانة: حنين خليل

في هذه اللوحة، تُجسد الفنانة حنين خليل مفهوماً وجودياً حاداً حول الحرية، فتربط بين الجرح والتحرر، بين الألم والتحليق. العنوان بحد ذاته "لتتحرر عليك أن تضحي..." يقدم مدخلاً مباشراً إلى عمق التجربة الإنسانية التي تسعى فيها الأرواح للتحرر مهما كلّفها ذلك.

في مركز المشهد، تظهر امرأة معلقة بين السقوط والطيران، جسدها في وضعية توتر درامي واضح، يرمز إلى تلك اللحظة الدقيقة ما بين الانهيار والانعتاق. يندمج شعرها في الهواء مع كلمة "حرية" المكتوبة بخط عربي ينبثق من جسدها، ليؤكد أن الفكرة ليست فقط جسدية، بل روحية وعقلية. من خلفها تتصاعد طيور مهاجرة، ترمز إلى الأرواح التي سبقتها، أو ربما إلى فكرة الأمل الذي لا يُطفأ.

أبرز ما في اللوحة هو تمزق اليدين، حيث تتحول الأذرع إلى أجنحة، لكنها أجنحة مجروحة، مليئة بالشقوق. هذه الاستعارة البصرية القوية تعكس فكرة أن الحرية لا تأتي بسهولة، بل تحتاج إلى تضحيات موجعة. هنا، "التشوه" ليس قبحاً، بل مرحلة ضرورية نحو التحول، نحو الطيران.

الخلفية ذات ألوان داكنة تميل إلى الأزرق والأسود، مما يبرز إشراق الأجنحة البيضاء والذهبية، ويضخم من أثر كلمة "حرية" التي تبدو وكأنها مضيئة وسط العتمة. لا توجد تفاصيل زائدة، كل عنصر محسوب بعناية ليخدم الفكرة الرئيسية: "الحرية ولادة مؤلمة".

بهذا العمل، لا تدعو حنين خليل فقط إلى تأمل المعاناة، بل تحوّل الألم إلى لغة بصرية، وتنقل المشاهد من موقع المتفرج إلى موقع المتفاعل، ليشعر بثقل التضحية، وبجمال النور المتولد منها.

← العودة إلى الصفحة الرئيسية